امتدَّ تاريخ الرومان في الاردن على مدى أربعة قرون، ويشكِّل تراث الرومان في الاردن جزءًا لا يتجزّأ من تاريخ البلاد منذ 63 قبل الميلاد وغزو الإمبراطور بومبي، وعلى الرغم من أنَّ الكثير من الآثار الرّومانيّة اندثرت، إلّا أنَّه ما تزال العديد من المواقع الرّائعة التي تُذكِّر بزمن الرّومان في الأردن، ولعلَّ أكبر وأفضل المواقع المحفوظة من هذه الآثار هي مدينة جرش الرّومانيّة القديمة، التي كانت واحدة من أعظم مدن المقاطعات في إمبراطوريّة روما، وقد وصِفَت بأنّها أفضل المواقع المحفوظة للهندسة المعماريّة الرّومانيّة خارج إيطاليا، وبالقرب من مدينة إربد، تقع مدينة أم قيس الأثريّة الرّومانيّة، التي تمتلك إطلالة خلّابة على بحيرة طبريا، وكانت نقطة جذب شهيرة للرّومان القدماء، وتمتلك أم قيس أدَّلة على استيطان البشر فيها منذ 6000 عام، كما أنَّ العاصمة عمّان كانت إحدى مُدُنِ الدّيكابوليس الشّهيرة، وأشهر معالمها الرّومانيّة المُدرَّج الرّومانيّ الذي بُنِيَ في القرن الثّاني الميلاديّ في عهد أنطونيوس بيوس.
أشهر ثلاث مُدُن رومانيّة
تقع مدينة جرش في المرتبة الأولى بين مُدُن الرومان في الاردن وتتميّز بسلسلة غير مسبوقة من الاحتلال البشريّ، يعود تاريخها إلى أكثر من 6500 عام، وتقع جرش على سهل مُحاط بالمناطق المشجَّرة والتّلال والأراضي الخصبة، وغزاها الجنرال بومبي في عام 63 قبل الميلاد، وكانت واحدة من المدن الرّومانيّة العشر الكبرى (الدّيكابوليس). عُرِفت مدينة جرش عبر تاريخ الرومان في الاردن بمدينة جاراسا، وكانت تختبئُ مُنذ قرون في الرّمال، قبل أن يتمَّ التّنقيب عنها وترميمها على مدار السّبعين عامًا الماضية، وهي مثال رائعٌ على التّمدُّن الرّومانيّ الكبير الرّسميّ الموجود في جميع أنحاء الشّرق الأوسط، وتضمُّ شوارع معبّدة، ومعبد مرتفعة على قمم التّلال، ومسارح جميلة، وساحات عامّة واسعة، وحمّامات، ونوافير، وأسوارًا، وتجتمعُ في جرش ثلاث ثقافات اليونانيّة والرّومانيّة وتقاليد الشّرق العربيّة.
آثار الرومان في الاردن في جرش
- قوس هادريان: بُنِيَ عام 129 للميلاد، وهو حدُّ المدينة القديمة.
- ميدان الخيول: مدرّج يعود للعصر الرّومانيّ.
- ساحة النّدوة: يُحيطها 160 عامودًا.
- شارع الأعمدة: شارع بطول 600 متر.
- النّيمفيوم (مساكن الحوريّات): نافورة مزيّنة برؤوس الأسود.
- المسرح الجنوبيّ: يستوعب 3000 شخص.
- متحف آثار جرش: يضمُّ مجموعة نادرة من القِطع الأثريّة.
أم قيس (جدارا)
ثاني أشهر مدينة تدلُّ على تاريخ الرومان في الاردن هي مدنية أم قيس في إربد، وتشير المسوحات الأثريّة إلى أنَّ أم قيس كانت محتلَّة منذ القرن السّابع قبل الميلاد، وفي عام 63 قبل الميلاد حرّر الإمبراطور بومبي جدارا، وضمّها إلى مُدُن الدّيكابوليس، وبعد فترة وجيزة، تحسَّنت ثروات جدارا بسرعة، وتمَّ تنفيذ الآثار فيها على نطاق واسع، وبلغت المدينة ذروتها في الازدهار في القرن الثّاني الميلاديّ، وانتشرت فيها شوارع جديدة معبَّدة، ومعابد، ومسارح، وحمّامات عامّة، وقارن البطل الرّومانيّ ملجير بين أم قيس وأثينا، وقال: إنّها تشهَدُ على وضع المدينة كمركزٍ إبداعيٍّ للهيلينيّة في الشّرق الأدنى القديم.
المدرّج الرّومانيّ في عمّان
أحد أدلّة تاريخ الرومان في الاردن الآثار الرّومانيّة في العاصمة عمّان، وأشهرها المدرّج الرّومانيّ، وجبل القلعة. أثناء فترة حُكم الرومان في الاردن تمَّ اختيار عمّان كعاصمة لامعة للإمبراطوريّة الرّومانيّة، ولكنّها كانت تحمِل اسم فيلادلفيا، وبُنِيَ فيها المدرّج (المسرح) بين عاميِّ 138-161 للميلاد، ويعود بناؤه إلى عهد الإمبراطور أنطونينوس بيوس، وصُمّمت هذه التّحفة الرّائعة في قلب المدينة، وموجّهٌ نحو الشّمال؛ لإبقاء أشعّة الشّمس بعيدة عن المتفرّجين، لأنّه يستوعِب ما يصل إلى 6000 شخص، وكان لدى الرّومان سيطرة كبيرة على التّسلسل الهرميّ الاجتماعيّ، وكان المتفرّجون في المدرّج مفصولون بحسب الجنس والجنسيّة والمكانة الاجتماعيّة، وقد كان هذا واضحًا في جميع أعمالهم الأثريّة في وقت لاحق.
نهاية تاريخ الرومان في الاردن
بدأت قوّة الرومان في الاردن وبشكلٍّ عامٍّ في الانخفاض بشكل مطّرد خلال القرن الثّالث الميلاديّ، وواجهوا تحدّيات خطيرة مع بداية القرن الرّابع الميلاديّ، وناضل الرومان في وجه الصّعوبات الدّاخليّة والغزوات، واكتسب التّنوخيّون شبه الرُّحَّل السّلطة في المنطقة وحولها في القرن الثّالث الميلاديّ، بقيادة زعيمتهم الأكثرة شهرة في المنطقة الملكة ماويا (حوالي 375-425 للميلاد)، نظرًا لأنَّ التّنوخيين كانوا في الأصل جزءًا من الكونفدراليّة القبليّة النّبطيّة، فمن المُعتَقَدِ أنّها كانت ستسيطر على المناطق التي كانت تضمُّ المملكة النّبطيّة سابقًا.
إذا كان الأمر كذلك، فإنّها كانت قويّة بما يكفي لتتحدّى روما، وتتفاوض على السّلام بشروطها الخاصّة، وإرسال وحدات سلاح الفرسان في وقت لاحق للمساعدة في الدّفاع عن القسطنطينيّة بعد هزيمة روما في معركة أدريانوبل في 378 للميلاد. عندما سقطت روما في الغرب (476 للميلاد)، واصل الجزء الشّرقيُّ حكم الإمبراطوريّة من القسطنطينيّة، وفي القرن السّابع الميلادي، اجتاحت الفتوحات الإسلاميّة المنطقة، وتحوّل النّاس إلى الإسلام، ممّا جعل هؤلاء النّاس في صراع مع الرّومان، وأصبح الأردن جزءًا من الدّولة الأمويّة، وانتهى تاريخ الرومان في الاردن في 661 للميلاد.
المراجع