تاريخ الاردن المعاصر… معلومات عن مراحل متنوّعة للأردن المعاصر
بعد تأسيس المملكة على يد الملك عبد الله الأوّل، مرّت بعديد من المراحل المهمّة، وتتحدّث هذه المقالة عن تاريخ الاردن المعاصر منذ عهد الملك حسين رحمه الله. أوّل فترة من تاريخ الاردن المعاصر بدأت بعد استشهاد الملك عبد الله الأوّل، حيث انتقل العرش الأردني إلى ولي العهد الأمير طلال (ابنه الأكبر)، وتولّى الملك طلال الحُكم في 6 أيلول 1951، ولكن لأسباب صحّيّة، تخلّى الملك طلال عن العرش بعد أقلَّ من عام، في 11 آب 1952، لصالح ابنه الأكبر الأمير حسين، ولكنّه لم يتولَّ سلطاته الدّستوريّة إلّا في 2 أيّار 1953؛ حتّى بلَغَ الثّامنة عشر، وخلال فترة ولايته بدأ الملك طلال تطوير دستور جديد ليبراليّ، وهذه الوثيقة جعلت الحكومة جميعها، والوزراء بشكل فرديّ، مسؤولين أمام البرلمان، وتمَّ التّصديق عليها رسميًّا في 1 كانون الثّاني 1952.
مرحلة الخمسينات من تاريخ الاردن المعاصر
كانت الخمسينيات فترة من الاضطرابات السّياسيّة الصّاخبة في جميع أنحاء العالم العربيّ؛ ويُعزى الكثير من هذا الاضطراب إلى عدم الرّضا الشّعبيّ النّاجم عن إنشاء دولة إسرائيل وفقدان فلسطين في 1948، وفي هذه الأثناء كان جمال عبد النّاصر في مصر، وحزب البعث في سوريا يتنازعان ليُهيمن أحدهما على القوميّة العربيّة، ولكنَّ الملك حسين تابع بثبات مثاله القوميّ، وكان يرى أنَّ الوحدة العربيّة لن تنجح في تعزيز الوحدة بين العرب إلّا إذا احتُرِم الطّابع الخاص لمختلف الدّول والأنظمة العربيّة، دون التّعدّي على سيادتها الوطنيّة الفرديّة، ومع مرور الوقت أصبحت حكمة الملك حسين الثّاقبة للعالم العربيّ واضحة.
التّطوّرات المهمّة التي قام بها الملك حسين
أجرى الملك حسين في تاريخ الاردن المعاصر خطوات مهمّة وثابتة، ومنها:
- دعا الملك حسين رئيس الوزراء المعيَّن حديثًا فوزي المُلقي إلى إدخال سلسلة من الإصلاحات اللّيبراليّة، بما في ذلك حرّيّة التّعبير، وحرّيّة الصّحافة.
- في عام 1956، أُجرِيَت انتخابات برلمانيّة حرّة تمامًا، وهيمنت الجماعات المتطّرفة بما في ذلك الشّيوعيين والبعثيين على الحكومة الجديدة.
- أنهى الملك حسين خدمات القادة البريطانيين من الفيلق العربيّ في عام 1956، وأنهى المعاهدة البريطانيّة الأردنيّة.
- فرَض الملك حسين الأحكام العرفيّة في ربيع عام 1957؛ خوفًا من التّسلّل الشّيوعيّ.
الاستقرار في السّتينيّات
بعد أن نجحَت المملكة الأردنيّة الهاشميّة في التّغلُّب على التّطرّف في الخمسينيّات من القرن الماضي، دَخَلَ تاريخ الاردن المعاصر فترة أمل وثقة خلال السّتينيّات، وكانت هذه السّنوات واعدة؛ حيث إنَّ الاقتصاد الأردنيَّ بدأ بالانطلاق، وتمَّ تطوير العمود الفقريِّ الصّناعي للاقتصاد الحديث في الأردن، مثل صناعات البوتاس، والفوسفات، والإسمنت، وبُنِيَت مصفات البترول، ورُبِطت المملكة بشبكة طرق سريعة، وتمَّ إدخال نظام تعليميّ جديد إلى المملكة، وفي عام 1962 أنشِأت أوّل جامعة وطنيّة، وهي الجامعة الأردنيّة، وقبل حرب 1967 كان معدّلات النّموّ الاقتصاديّ في الأردن أعلى من معظم البلدان النّامية الأخرى.
فترة السّبعينيّات
في أعقاب أحداث 1970-1971، كانت السّياسة الداخليّة في تاريخ الاردن المعاصر تهدف بشكل أساسيّ إلى تعزيز الوحدة الوطنيّة بين السّكّان الأردنيين، وتُعتبر هذه الوحدة المرجوّة الضّمان النّهائيّ لبقاء وأمن الأردن. مع عودة الاستقرار السّياسيّ تدريجيًّا، بدأ الاستثمار في العودة إلى المملكة، وشهد الأردنُّ مستويات نموٍّ غير مسبوقة في عدد من المجالات، وخاصّة قطاعات الخدمات والبناء والماليّة، كما أنَّ التّنمية الاقتصاديّة والاجتماعيّة السّريعة في تاريخ الاردن المعاصر تَدينُ بالكثير لطفرَة النّفط؛ لأنَّها ساعدت بتدفّق التّحويلات الماليّة الكبيرة من حوالي 400.000 مواطن أردنيّ أو نحو ذلك، الذين قدّموا العمالة الماهرة بشكل أساسيّ إلى دول الخليج الغنيّة بالنّفط.
النّهضة الدّيموقراطيّة في الاردن المعاصر
حقّق تاريخ الاردن المعاصر هيكلًا سياسيًّا تعدُّديًّا منظّمًا يمكن أن يكون نموذجًا للمنطقة، منذ أن استأنف التزامه بالسّياسة البرلمانيّة في عام 1989، واعتمد الاردن المعاصر عددًا من الإصلاحات الشّاملة، من أبرزها إعادة تقديم الأحزاب السّياسيّة إلى البرلمان، وصياغة الميثاق الوطنيّ، وتوسيع حرّيّات الصّحافة، والالتزام القويّ بالتّعدديّة وحقوق الإنسان وفيما يتعلّق بهذا الشّأن ألغت الحكومة الأحكام العرفيّة، التي كانت ساريّة في أعقاب حرب 1967، كما شجعت الحكومة على إقامة العديد من المنظّمات الدّوليّة والإقليميّة لحقوق الإنسان في الأردن، وصدّقت على عدد من المعاهدات المتعلّقة بحقوق الإنسان.
الميثاق الوطنيّ
تمَّ تعيين لجنة ملكيّة من ستّين عضوًا من قبل الملك حسين في نيسان 1990؛ بهدف صياغة مبادئ توجيهيّة لممارسة نشاط الأحزاب السّياسيّة في تاريخ الاردن المعاصر وهذه اللّجنة تتألّف من أعضاء يمثّلون جميع المجموعات السّياسيّة في البلاد، وتمَّ اعتماد الميثاق في مؤتمر وطنيّ عام 1991، وحضَرَه 2000 شخص من كبار الأردنيين، وحدّد الميثاق المبادئ التّوجيهيّة العامّة للحوار البنَّاءِ بين الأجهزة التّنفيذيّة والتّشريعيّة، وكذلك بين صانعي القرار والنّخب السّياسيّة والفكريّة، فيما يتعلَّق بمسائل السّلطة والحقوق والمسؤوليّة ووضّح الشّروط التي يُمكن بموجِبها للأحزاب السّياسيّة أن تعمل كما خفّف من المخاوف بشأن عواقب حرّيّة التّعبير الجامحة.
المراجع