تأتي على الإنسان فترات من عمره يتعرض فيها لمواقف محيرة، يحتاج أن يأخذ فيها قرار حاسم ولكنه لا يستطيع، فمن هنا تأتي فوائد صلاة الاستخارة ، فالإنسان حينما يؤديها يكون قد نقل الأمر من قدرته وقدرة عقله المحدودة إلى قدرة الله سبحانه وتعالى كي يحسم الأمر ويختار له الأمر الأصلح لدينه ودنياه.
فوائد صلاة الاستخارة
جاء في الأحاديث النبوية الشريفة ذكر كثير لصلاة الاستخارة وكيفية أدائها وشروط تحقيقها وفوائدها العظيمة، فقد أخبرنا رسول الله –صلى الله عليه وسلم-أن صلاة الاستخارة من أسباب سعادة المرء المسلم وأن تركها من أسباب شقاؤه وخسارته.
وقد أوصى أمير المؤمنين (على بن أبي طالب) –رضي الله عنه-ابنه الإمام (الحسن) –رضي الله عنه-قائلاً: “وقم بأداء الكثير من الاستخارة”، وفي الحقيقة أن هؤلاء الذين لا يحرصون على أداء صلاة الاستخارة في معظم الأمور يقعون في العديد من المواقف الصعبة بسبب اختياراتهم الخاطئة التي نتجت عن رأيهم الخاص الخالي من توفيق الله عز وجل، فعلى سبيل المثال كم من شخص يعيش في حالة عذاب وألم بسبب اختيار خاطئ لشريك الحياة والذي هو أمر هام تلزم فيه الاستخارة في المقام الأول.
وفي أثناء عصر الأئمة وما بعده كذلك، كانت المعاجم العربية تفسر مصطلح الاستخارة على أنه السعي والبحث عن الخير الكامل في جميع الأمور الحياتية للإنسان.
ويقول المصور الشهير العلامة (الراغب الأصفهاني) عن صلاة الاستخارة في تدوينة مفرداته: “أن العبد يؤدي صلاة الاستخارة، فقدر ربه له الخير”، بمعنى أن الإنسان يصلي الاستخارة لطلب الخير فيمنحه الله الخير.
الاستخارة صلاة الخير
ينطبق ذلك القول في حالة أن يكون المرء واثقًا في اختياره وقراره ولكنه متردد بعض الشيء، وهنا اتفق جمهور العلماء والأئمة على أن يمضي المرء في قراره مستعينًا بصلاة الاستخارة أو الدعاء، ويوصي الأئمة بأن ينفذ المرء قراره فورًا في حالة اقترانه مع نتيجة الاستخارة.
ويروى عن الإمام (علي بن الحسين) –رضي الله عنهما-أنه عندما كان ينوي الذهاب للحج أو العمرة، أو إذا أراد أن يشتري قطعة أرض أو أن يعتق عبدًا لوجه الله تعالى، أنه كان يتوضأ ويحسن الوضوء ويقوم يصلي ركعتين ويقول قبل أن يختم الصلاة “يا الله، إذا كنت تعلم أن هذا الأمر خير لي في ديني ودنياي وعاقبة أمري وآجله، فيسره لي وقدره لي، وإن كنت تعلم أن هذا الأمر شرًا لي في ديني ودنياي وعاقبة أمري وأجله فجنبه مني وجنبني منه”.
وكل تلك الأقاويل والأحاديث تدل دلالة واضحة على أهمية صلاة الاستخارة في الدين الإسلامي، فمثلاً في مسألة الزواج، يوصي الشيخ المفيد بأن يقوم المرء إذا نوى الزواج بأداء ركعتين صلاة استخارة ويدعو الله أن يوفقه للزوجة الصالحة إذا كان يفكر في فتاة بعينها، وعندما يجدها يجب عليه أداء ركعتين أخريين كي يدعو الله أن ييسر له أمر هذا الزواج.
الفكرة والعبرة من صلاة الاستخارة
إن الغرض الأساسي والدرس المستفاد من صلاة الاستخارة هو أن يتعود الفرد المسلم على طلب الرأي والمشورة وفقًا لإرادة الله سبحانه وتعالى، فبدلاً من سؤال الناس والبحث عن رأي خبير محنك، يجب الاعتماد على حسن الظن في الله والتأكد من أن إرادة الله دومًا خير للإنسان حتى لو كان يرى عكس ذلك.