سورة القمر من سور القرآن الكريم المكية بأكملها عند جمهور العلماء، وهي من سور المفصل نزلت على الرسول الكريم قبل الهجرة تقريبا في السنة الخامسة من البعثة بعد سورة الطارق وقبل سورة ص وتعد السورة السابعة والثلاثين في ترتيب النزول، والسورة الرابعة والخمسين في ترتيب سور المصحف العثماني، وتكثر الأدلة من السنة النبوية على فضل سورة القمر واستحباب قراءتها.
فضل سورة القمر
عن عبيدالله بن عبدالله أن عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- سأل أبا واقد الليثي ما كان يقرأ به رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في الأضحى والفطر؟ فقال: “كان يقرأ فيهما بقاف والقرآن المجيد، واقتربت الساعة وانشق القمر”. (( الراوي : أبو واقد الليثي | المحدث : ابن حبان | المصدر : صحيح ابن حبان، الصفحة أو الرقم: 2820 | خلاصة حكم المحدث : أخرجه في صحيحه ))
يدل على فضل سورة القمر أن بها خبرٌ مؤكد بأنّ موعد الساعة قد اقترب، ولهذا كان الرسول -عليه الصلاة والسلام- يقرأ سورة القمر في الجموع الكبيرة مثل أيام الأعياد والجمع كي يُسمع للناس ما في هذه السورة من آيات نبوّة ودلائل واعتبارات، خصوصًا أنّ أهل مكة طلبوا من الرسول -عليهم الصلاة والسلام- أن يُريهم آية على دلالة نبوّته، فكانت هذه الحادثة، والمَعنيّ بهذه الحادثة في ذلك الوقت هم أهل مكة، أي قبيلة قريش وليس عامة الناس، ففي حديث أنس بن مالك -رضي الله عنه-: أنّ أهل مكةّ سألوا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن يريهم آية، فأراهم انشقاق القمر. (( الراوي : أنس بن مالك | المحدث : البخاري | المصدر : صحيح البخاري، الصفحة أو الرقم: 4867 | خلاصة حكم المحدث : صحيح ))
من فضل سورة القمر أنها تنذر الناس باقتراب موعد الساعة؛ فعلى الفطن اللبيب الاستعداد لهذا اليوم بالعمل الصالح فعن أبي عبدِ الرَّحمنِ السُّلميِّ قال: نزلنا من المدائنِ على فرسَخٍ ، فلمَّا جاءت الجمعةُ حضرنا فخطَبنا حذيفةُ فقال : إنَّ اللهَ عزَّ وجلَّ يقولُ : اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ ، ألا وإنَّ السَّاعةَ قد اقتربت ، ألا وإنَّ القمرَ قد انشقَّ ، ألا وإنَّ الدُّنيا قد آذنت بفِراقٍ ، ألا وإنَّ اليومَ المضمارُ ، وغدًا السِّباقُ. فقلتُ لأبي : أيستبِقُ النَّاسُ غدًا ؟ قال : يا بنيَّ إنَّك لجاهلٌ ، إنَّما يعني : العملُ اليومَ والجزاءُ غدًا ، فلمَّا جاءت الجمعةُ الأخرَى حضرنا فخطَبنا حذيفةُ فقال : إنَّ اللهَ يقولُ : اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ ، ألا وإنَّ الدُّنيا قد آذنت بفِراقٍ ، ألا وإنَّ اليومَ المِضمارُ وغدًا السِّباقُ ، ألا وإنَّ الغايةَ النَّارُ ، والسَّابقَ من سبق إلى الجنَّةِ. (( الراوي : عبدالله بن حبيب أبو عبدالرحمن السلمي | المحدث : المنذري | المصدر : الترغيب والترهيب، الصفحة أو الرقم: 4/202 | خلاصة حكم المحدث : إسناده صحيح ))
ورد في فضل سورة القمر أنها كانت سببًا في توجيه النبي الكريم لمعاذ بن جبل بألا يُطيل على الناس في الصلاة بقراءة السور الطويلة كسورة القمر: “أنَّ معاذَ بنَ جبلٍ صلَّى بأصحابِه العشاءَ، فقرَأ : “اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ” قال: فترَك رجلٌ صلاتَه، قال: فقال له معاذٌ قولًا شديدًا، فذهَب الرجلُ إلى النبيِّ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّم-، فقال: إني كنتُ أَسقي نخلًا لي، وخَشيتُ عليه الماءَ، فقال رسولُ اللهِ -صلَّى اللهُ عليه وسلَّم-: يا معاذُ، ما يَكفيكَ أن تَقرَأَ “وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا، وأشباهَها منَ السوَرِ”. (( الراوي : بريدة بن الحصيب الأسلمي | المحدث : شعيب الأرناؤوط | المصدر : تخريج المسندالصفحة أو الرقم: 23008 | خلاصة حكم المحدث : صحيح لغيره ))
يشيع بين الناس تشارك الأحاديث الباطلة عن فضائل السور، وقد وردت بعض الأحاديث في فضل سورة القمر مثل حديث: “من قرأ سورة ( اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ ) في كلّ غبّ، بُعث يوم القيامة ووجهه على صورة القمر ليلة البدر ، ومن قرأها كلّ ليلة ، كان أفضل ، وجاء يوم القيامة ووجهه مسفر على وجوه الخلائق”. (( الراوي : أبي بن كعب | المحدث : ابن حجر العسقلاني | المصدر : الكافي الشاف، الصفحة أو الرقم: 276 | خلاصة حكم المحدث : موضوع ))
اقرأ أيضًا: فضل سورة الطارق
خواص سورة القمر
سورة القمر من السور المكية التي أفردت آياتها لترسيخ أصول العقيدة الإسلامية في النفوس والقلوب والعقول، من خلال الاستدلال على مظاهر القدرة الإلهية في الكون والتي كان أبرزها انشقاق القمر في عهد النبي -صلى الله عليه وسلم- قبل الهجرة إلى المدينة إيذانًا باقتراب موعد الساعة وما في ذلك اليوم من الأهوال، كما تضمنت السورة ما يأتي:
- تذكير مُشركي قريشٍ بالأقوام والأمم السابقة وما حل بهم جراء إصرارهم على الكفر بالله.
- تقريع مشركي قريشٍ وتخويفهم بالهزيمة في الدنيا إلى جانب ما ينتظرهم في الآخرة من أصناف العذاب الأليم.
- إثبات حقيقة البعث وذِكر بعضٍ من أحواله وأهواله.
- التأكيد على علم الله المطلق بكل ما يفعله الناس وما يترتب على هذا العلم من الجزاء بحسب العمل.
- الإشارة إلى هدي القرآن الكريم.
اقرأ أيضًا: فضل سورة ص